آخر التعليقات

السبت، 23 مارس 2013

رجال ومواقف في الإسلام *2*


--لقد بايع صغيرا ووفى كبيرا

في السنة التاسعة للهجرة كان الإسلام قوياً صلباً ، وجاءت وفود العرب تبايع رسول الله صلى الله عليه وسلم على الإسلام ، وكان في جملة هذه الوفود وفد بني حنيفة ، فجاؤوا وأعلنوا إسلامهم وكان على رأسهم مسيلمة بن حبيب الحنفي ، ولما عادوا إلى منازلهم ارتدَّ مسيلمة بن حبيب ، وقام في الناس يعلن لهم : أنه نبي مرسل أرسله الله إلى بني حنيفة كما أرسل محمداً إلى قريش . 
ولما قوي ساعد مسيلمة ، والتف الناس حوله كتب إلى رسول الله كتاباً جاء فيه : من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله سلام عليك: أما بعد فإني أُشركت في الأمر معك ، وإن لنا نصف الأرض ، ولقريش نصف الأرض ، ولكن قريشاً قوم يعتدون ... فكتب له رسول الله رسالة جاء فيها : 
بسم الله الرحمن الرحيم .. من محمد رسول الله إلى مسيلمة الكذاب السلام على من اتبع الهدى أما بعد : فإن الأرض لله يورثها من يشاء من عباده والعاقبة للمتقين . ازداد شر مسيلمة وانتشر فساده ، فرأى رسول الله أن يبعث إليه برسالة يزجره فيه عن غَيِّه ، وبعث هذه الرسالة مع حبيب بن زيد . مضى حبيب إلى حيث أمره رسول الله حتى بلغ ديار بني حنيفة ، فما كاد مسيلمة يقرأ ما فيها حتى اشتد غضبه ، وبدا الشر والغدر على قسمات وجهه ، وأمر بحبيب أن يُقيَّد ، وأن يؤتى به إليه في ضحى اليوم التالي .. .. فلما كان الغد تصدَّر مسيلمة مجلسه ، وأذن للعامة بالدخول عليه ، ثم أمر بحبيب فجيء به وهو مقيد ... قال له مسيلمة : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم أشهد بذلك . قال مسيلمة : وتشهد بأني رسول الله ؟ قال حبيب في سخرية : إن في أذني صمماً عن سماع ما تقول . فغضب مسيلمة وقال لجلاده : اقطع قطعة من جسده ... فأهوى الجلاد بسيفه وقطع قطعة تدحرجت على الأرض . ثم أعاد مسيلمة عليه السؤال نفسه : أتشهد أن محمداً رسول الله ؟ قال : نعم أشهد بذلك . قال : وتشهد أني رسول الله ؟ قال حبيب : قلت لك إني لا أسمع ما تقول . فأمر بأن تُقطع من جسده قطعة أخرى ، فقطعت والناس ينظرون ... ومضى مسيلمة يسأل ... والجلاد يقطع ... وحبيب يقول : أشهد أن محمداً رسول الله . حتى صار نصفه قطعاً منثورة على الأرض ، ونصفه الآخر كتلة تتكلم.. ثم فاضت روحه الطاهرة واسم محمد لم يغادر شفتيه . ولما وصل خبر استشهاد حبيب إلى أمه نسيبة قالت :
 لمثل هذا الموقف أعددته .. وعند الله احتسبته . 
لقد بايع رسول الله صغيراً ليلة العقبة ... ووفَّى له اليوم كبيراً .

--ما يضر عثمان ما فعل بعد هذا اليوم


لما حث النبي صلى الله عليه وسلم على تجهيز جيش العسرة قال عثمان رضي الله عنه : عليّ مائة بعير بأحلاسها وأقتابها ،ثم حث النبي صلى الله عليه وسلم فقال عثمان : عليّ مائة بعير أخرى بأحلاسها وأقتابها ، ثم حث النبي صلى الله عليه وسلم فقال عثمان : عليّ مائة أخرى بأحلاسها وأقتابها ،ثم جاء بألف دينار ونثرها بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلب الدنانير ويقول: ما يضر عثمان ما فعل بعد هذا اليوم.

--قوة الحجة


قال طاهر بن خلف : سمعت محمد بن الواثق - الذي كان يقال له المهتدي بالله - يقول: كان أبي إذا أراد أن يقتل رجلا ، أحضرنا ذلك المجلس. فأتي بشيخ مخضوب مقيد. فقال أبي : ائذنوا لأبي عبدالله وأصحابه - يعني ابن ابي دؤاد- قال : فأدخل الشيخ، فقال : السلام عليكم يا أمير المؤمنين ، فقال : لا سلم الله عليك. فقال الشيخ: يا أمير المؤمنين ، بئس ما أدبك به مؤدبك ، قال الله تعالى ( وإذا حييتم بتحية فحيوا بأحسن منها أو ردوها ) ، والله ما حييتني بها ، ولا بأحسن منها. فقال ابن أبي دؤاد : يا أمير المؤمنين: الرجل متكلم، فقال له : كلمه
فقال : يا شيخ : ما تقول في القرآن؟فقال الشيخ : لم تنصفني ، ولي السؤال. فقال له : سل
فقال له الشيخ : ما تقول في القرآن ؟ فقال : مخلوق
قال الشيخ : هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم ، وأبو بكر ، وعمر وعثمان وعلي ، والخلفاء الراشدون . أم شيء لم يعلموه؟
فقال ابن ابي دؤاد: شيء لم يعلموه!!!ا
فقال الشيخ : سبحان الله !! شيء لم يعلمه رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ولا أبو بكر ، ولا عمر ، ولا عثمان ولا علي ، ولا الخلفاء الراشدون. وعلمته أنت ؟!!!!ا
قال : فخجل ابن أبي دؤاد وقال أقلنيفقال الشيخ : المسألة بحالها . قال ابن أبي دؤاد: نعم
قال الشيخ : ما تقول في القرآن؟ قال ابن أبي دؤاد : مخلوق
فقال الشيخ : هذا شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون ، أم لم يعلموه ؟
قال : علموه ، ولم يدعو الناس إليه
فقال الشيخ : أفلا وسعك ما وسعهم؟!!ا
قال : ثم قام أبي ، فدخل مجلس الخلوة ، واستلقى على قفاه ، ووضع إحدى رجليه على الأخرى ، وهو يقول : هذا شيء لم يعلمه النبي صلى الله عليه وسلم ولا أبو بكر ولا عمر ولا عثمان ولا علي ، ولا الخلفاء الراشدون . علمته أنت؟
سبحان الله !!! شيء علمه النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر وعمر وعثمان وعلي والخلفاء الراشدون . ولم يدعو الناس إليه . أفلا وسعك ما وسعهم ؟!!ا
ثم دعا عمارا الحاجب ، وأمره أن يرفع القيود عن الشيخ ، ويعطيه أربع مئة دينار ، ويأذن له في الرجوع . وسقط من عينه ابن أبي دؤاد. 
ولم يمتحن بعده أحدا.

--شكوى الوالي

ولّى عمر بن الخطاب رضي الله عنه سعيد بن زيد الجمحي مدينة حمص فخرج إلى عمله وقام بواجبه خير قيام.... غير أن اهل حمص شكوا عاملهم إلى عمر بن الخطاب رضي الله عنه ، فجمع عمر بينهم وبينه ثم سألهم: ما تشكون منه؟
قالوا لا يخرج إلينا حتى يتعالى النهارقال سعيد : والله إن كنت لأكره ذكره، ليس لأهلي خادم ، فأعجن عجيني ثم أجلس حتى يختمر ، ثم أخبز خبزي ، ثم أتوضأ ثم أخرج إليهم
قال عمر : ما تشكون منه؟
قالوا: لا يجيب أحدا بليل
قال عمر : ما تقول؟
قال: إن كنت لأكره ذكره ، إني جعلت النهار لهم وجعلت الليل لله عز وجل
قال عمر : وما تشكون منه ؟
قالوا : إن له يوما في الشهر لا يخرج فيه إلينا
قال : ما تقول؟
قال سعيد : ليس لي خادم يغسل ثيابي ، ولا لي ثياب أبدلها ، فأجلس حتى تجف ثم أدلكها ، ثم أخرج إليهم في آخر النهار
قال عمر : وما تشكون منه ؟
قالوا : يُغْنَطُ بعض الأيام
قال : ما تقول ؟
قال سعيد : شهدت مصرع خبيب الأنصاري بمكة ، وقد بضعت قريش لحمه ، ثم حملوه على جذعة ، فقالوا: أتحب أن محمدا مكانك وأنت في أهلك ؟
فقال : والله ما أحب أني في أهلي وولدي ومحمد صلى الله عليه وسلم شيك بشوكة! فما ذكرت ذلك اليوم وتركي نصرته في تلك الحال وأنا مشرك إلا ظننت أن الله عز وجل لا يغفر لي بذلك أبدا ، فتصيبني تلك الغنطة ..... فأقره عمر على عمله وبعث إليه بألف دينار.

                                                  المصدر

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More